Wednesday, March 21, 2012

اللحظات الرمادية المليئة بفتات الروح

أتفق مع صديقاتى للذهاب لشراء هدية عيد الأم ، جاءت رانيا و أخرى لم أرها منذ زمن بعيد ... لا أدرى لما جاءت فأنا لم أدعوها و لكنى تغاضيت عن هذا .دخلنا إحدى المتاجر ثم تفرقنا لتجد منها هديتها المنشودة ،أنا لا أدرى ماذا أهديكِ ،أشعر بحيرة و إضطراب غريب لا أفهمه فأخذت أتجول بالمتجر ،وقعت عيناى على عقد من اللؤلؤ الأبيض التى يتناسب مع سواد  عينيك و لكنى أتذكر أنك لا ترتدىن إلا القلادة الذهبية التى أهداها لكِ أبى بعد عودته من إحدى الدول العربية ،أتركه و أتحول إلى حقيبة أعجبتنى ،فكرت أن أبتاعها لكِ ثم أتحايل على مشاعر أمومتك لأخذها لنفسى – و أبقى ضربت عصفورين بحجر واحد –لكنى خجلت من أفكارى .طفت بالمتجر مرة تلو الأخرى و لا أستقر على شىء بعينه فى تلك اللحظة ألمح الصديقة المتطفلة و هى تجرب شىء لا أدرى ما هو ، هل هو حزام أو عقد لا أتذكر ؟ ، أستقر على أن  أهديكِ حذاء ... يجول بخاطرى تلك المرة التى أهديتك حذاء لم ترتديه و لو مرة و أخرى أهديتك آخر إرتديتيه دائما . لا أدرى حقاً لماذا أصر على أن أهديكِ الأحذية ربما لأنهم يقولون أن الجنة تحت أقدام الأمهات فأنا أريد أن أكرم هاتين القدمين اللتين تحملان جسدك الضئيل و تذهبان بك إلى العمل يوميا و تعود لتسعينا بداخلك – ربما كان هذا هو السبب – ،أتجول ببصرى فى المعروض فأجدهم جميعا باللون الشيكولاتى الدافىء - غريب ها - أختار إحداهما و يكون كما تحبى لكن لكى أتم شراءه يجب أن يناسب مقاس قدمك فأرفع صوتى :"حد هنا مقاسه 39 "، فتجيب رانيا :"أنا " .. أعطيها إياه لترى إن كان يناسبها ... عند هذة النقطة تختفى الصورة تماما و تتلون باللون الرمادى ثم بعد لحظات ينقشع هذا الضباب لأجدنى مستيقظة على حقيقة أنكى رحلتى من هنا ، سأمتى هذة الدنيا الموحشة التى لم ترأف بكِ و رحلتى فى سكون عند الفجر، لن أستطيع أن آتى بالأزهار و أذهب إلى قبرك .. أنا موقنة أنك لستِ هناك لا يمكن أن تُترك الأرواح العطرة فى هذا المكان المقفر إنما يُرَد إليها صنيعها بأن تُترك لتتجول حول من تحب لتعوضه عن فتات روحه التى فُقدت برحليهم ، لذا سآتى بهذا الحذاء لأضعه فى غرفتك و أهديكِ إياه و أتخيل أنك لم ترتديه كما فعلتى مع سابقه .  

Tuesday, March 06, 2012

كتاب الألتراس



أول مرة يتطرق سمعى لكلمة أولتراس كان فى الأيام الأولى من ثورة 25 يناير عندما أخبرنى أخى أنه فى يوم 28 يناير -جمعة الغضب - إلتقى بشابين من الأولتراس فى الجيزة و كيف أنهم قاموا بمجهود خرافى فى الدفاع عن المواطنين و الصد بالإضافة إلى أنهم منظمين جدا ثم بدأت تتردد بطولات الأولتراس على مدار السنة الماضية و كيف أنه بنزولهم يطمئن من فى الشارع و من لم يستطع النزول بأن المعركة مع الأمن فى الغالب محسومة  و تعالت شعبية الأولتراس على الأرض و رغبة الشارع فى معرفة الكثير عن الأولتراس و ماهية الروح التى تجعلهم يهذا الحماس و المثابرة و الإخلاص ... خلال القمع و محاولات العسكر لقتل الثورة و الشباب فى معارك و ليست أحداث - بالنسبة لى - على مدار السنة الماضية من محمد محمود حتى مجلس الوزراء و  خسر الأولتراس شهداء آخرهم مذبحة بورسعيد و التى راح ضحيتها أكثر من 150 مشجع و المعلن هو 75 أغلبهم من الأولتراس و للأسف توارت هذة المذبحة للظل خلف ما يحدث فى مجلس الغمة و الترشح للرئاسة تحت حكم العسكر .. ثم  بدأت فى قراءة  كتاب الأولتراس   كاتبه  محمد جمال بشيرالمعروف بجيمى هود  و الذى يعطينا لمحة عن عالم الأولتراس و فى إعتقادى أنك لن تستطيع أن تعرف عن الأولتراس سوى لمحة حتى  تتعامل معهم أو تكون أحدهم  يبدأ جيمى الكتاب بأنواع المشجعين فى العالم و الذين يختلفوا فى التفكير و طريقة التشيجيع و يأتى على رأسهم الأولتراس الذى يفنى نفسه و ماله فى تشجيع ناديه حتى يفنى و كيف نشأ الأولتراس لأول مرة كما هو متفق عليه فى إيطاليا مع ظهور The boys مجموعة
هى كلمة لاتينية تعنى الفائق للعادة و التى على ما يبدو هى صفة أعضاء الأولتراس  Ultra التابعة لنادى إنتر و كلمة 
و ينتقل للحديث عن دخول حركة الأولتراس للعالم العربى خصوصا دول شمال أفريقيا و التى كانت البداية فى ليبيا ثم يتطرق للحديث عنها فى تونس و الجزائر و المغرب و مصر أخيرا و التى بدأت الحركة فيها ما بين عام 2005 و 2007 و بدايات تكون أولتراس وايت نايتس (الزمالك)و أولتراس  أهلاوى (الأهلى) و تلتهم باقى مجموعات الأولتراس
و يتطرق جيمى هود لدور الأولتراس فى ثورتنا و التى لا يستطيع أحد أن ينكره ثم يأتى أهم جزء فى الكتاب و هى  عقلية و ثقافة الأولتراس التى تعتمتد على عدم التوقف عن التشجيع أبدا طوال التسعين دقيقة و عدم الجلوس نهائيا و الشد الرحال خلف ناديهم فى أى مكان داخل أو خارج البلاد و الإنتماء لمكانهم فى الإستاد و كيف أن الأولتراس عبارة عن خلية نحل كل منهم له دوره الذى يقوم به بتفان لتكتمل الصورة الكبرى  بإتقان و حرفية حالية و تحمل بداخلها جماليت كثيرة و لعلك تتساءل ما الذى يدفع شباب من مختلف الأعمار و الإنتماءات تكريس أنفسهم بهذة الطريقة إنها ما يطلق عليها روح الأولتراس و التى يولد بها الفرد -كما يوضح جيمى- و لا يكتسبها بالممارسة ،هم مثابرون يتحلون بالشجاعة و الإقدام وبذل أى شىء للدفاع عن ناديهم و لا يبدأوا بالقتال إلا إذا تم الإعتداء عليهم أولا  و يكرهوا العنف و يروها مباراة فى إظهار القدرة الفائقة على تشجيع ناديهم بأى طريقة (لكل قاعدة شواذ) ثم يشرح جيمى كيف أنهم يروا أن كل رجال الشرطة أوغاد وذلك أحد الأسباب التى تجعل  فرد الأولتراس  يحرص على تغطية وجهه من وسائل الإعلام 
بلإضافة لأسباب أخرى و يذكر فى الكتاب الأمثلة على أن الأولتراس فى جميع العالم يجمعهم كيان واحد لذا يتضامنوا معا ضد أى تعنت يوجه نحو أحدهم ، و يوجد فصل للحديث عن الصداقات بين المجموعات و الصلح الذى يحدث بين المجموعات و أدوات التشجيع المستخدمة و المسيرات التى يقومون بها عند ذهاب النادى  لبلد المنافس لبث الخوف و إعلان وجودهم خلف ناديهم و الدخلات التى كانت و مازالت تبهرنا حتى لو كنا لا نعرف أنهم أولتراس ثم يتحدث عن المثلث الذى يقف ضده الأولتراس (ضد الميديا - ضد الكرة الحديثة - كل رجال الشرطة أوغاد ) و متى تنحل المجموعة و مصادر التمويل و الذى يتعلق كلاهما بشرف المجموعة ليختتم جيمى هود بقاموس الأولتراس و شعارات الأولتراس ليقدم لنا كتب يوضح الكثير عن تلك  الأشخاص المجهولة و التى لا تريد أن يتم معرفتها 
و عند النظر للكتاب من زاوية أخرى تجعلك  تعجب من لو تحلى كل منا بصفات الأولتراس بغض النظر عن أى إنتماء دينى أو سياسى أو إجتماعى كيف ستكون مصر الأن؟؟ و كيف أن يجروء أى شخص مهما كانت سلطاته أن يقتل تللك الأرواح الطاهرة بما تحمله ؟؟الكلمة من معنى و له من الجراءة أن يلصق بهم تهمة البلطجة  
خارج النص : اللى  بيحب أغانى الأولتراس  ألبوم أولتراس وايت نايتس (أسلوب حياة ) جامد جدا :)