Monday, April 30, 2012

أبناء العدم

نحن  أبناء العدم  .. رعيله الأول و رغباته الدفينة ، ولدنا من رحم الخيال ، ترعرعت أذهاننا فى فضاء الحقيقة الجوفاء ،تبتعد عنا السعادة أميالاً و إذا ما تعثرت تحت أقدامنا تذوى ما بين أصابعنا الطويلة المتفحمة كزهرة إمتُصَ رحيقها للأبد ،نعشق الصخب فهو يطغى على أصوات أرواحنا و هى تتجول كأعمى بداخل صدورنا المطبقة نرتدى أقنعة كالبشر حتى لا يخافوا من ملامحنا المطموسة القالحة فهم دائما يخافوا مما يجهلوه حتى و إن كان ظِلهم ،نحاول أن نذوب بداخلهم ليعيشوا بداخلنا نسمع شكواهم المستمرة من حياتهم النحيلة و فرحهم الزائد ببضع قطرات من السعادة الجوفاء ، إننا متوحدون و برغم ذلك نعطيهم ما يريدوا و لكن ف المقابل نطلب القليل لكنهم لجهلهم يستلوا خناجر أرواحهم ليقتلعوا قلوبنا بمرح يحاولون قتلنا مراراً و تكراراً و لكنهم يفشلوا فنحن أبنائه ، لانموت  ، نذهب إليه لبرهة لنعود محملين بجزء من روحه ، رغبتهم المحمومة فى الإنتماء لشخص ما تدفعهم لإعتقاد إنتمائنا إليه ، لا يدركون أننا أبنائه  أبناء اللحظات الحزينة و الصدف الست المتكسرة لا ننتمى .


Wednesday, April 04, 2012

تلك الأشياء الصغيرة التى توقعنا فى الفخ

تمر الأيام كضيف ثقيل كلما أردته أن يرحل يطلب منك إحضار دور شاى جديد ، منذ رحلت  و هو لا يدرى ماذا يفعل يحاول أن يدفع الأيام لتمر فى فجوة زمنية يستطيع خلالها ان ينساها أو تأتى أخرى لتحل محلها و إن كان يدرك بداخله أنه لن تأتى من تحتل مكانها فى أفلام النيجاتف المهترئة المدعوة حياته ، يحاول أن يتناسها و لكنها تقفز أمامه من ورق الحائط و كوب قهوتها السادة المشبعة ببعض من حكايتها و تندفع محتضنه روحه من أبيات شاعرها المفضل .. يحاول أن يغرق نفسه فى العمل حتى تختفى تدريجيا من ذاكرته كما أرادت ليجد أن سعيه هذا غير مجدى - دوما ما نعتقد أننا عندما ندفن أنفسنا فى العمل سننسى لا يتبادر إلى أذهانا أنك حين تحاول أن تنسى شيئا فإنه يصر على الإستمرار إنها غريزة البقاء المتأصلة فى أى كائن حتى لو كان ذكرى - يتسلل إلى ذهنه صورتها عندما تشعر بعدم الأمان فتحول خاتمها ذا الفص الأخضر الفيروزى من البنصر إلى السبابة كأنها تغلق دروعها جميعا فى وجهه  و كيف أنه حين رآها أول مرة وجد فى عينيها نُدَب تشبه تلك المنحوته فى عينيه شعر من فوره أنهما كانا روحاً واحدة فى حياة أخرى  , إختفت أيضا من أحلامه كمن تستكثر عليه تلك البرهة التى يراها فيها، يعبأ أنفه من رائحتها  و تتلمس كفيه الطريق إلى كتفيها لتطبعها فى قلبه ، إنها تلك الأشياء الصغيرة التى تلقى بتعاويذها علينا فتنسج خيوطاً حريرية حولنا و توقعنا فى الفخ ، يحاول مراراً و تكراراً أن يتناساها و لكنها تأبى عليه ذلك .
رأيته فى عملى مرتان حتى الآن ربما جاء قبل ذلك و لم أدركه هو بائع متجول للأدوات التجميلية يأتى ليسألنا شراء منتجاته و لكن فور أن يتحدث تقاطعه إحدى العاملات قائلة :" لا مش عايزين شكرا " تجذبنى ملامح السأم المختلطة بقسمات وجهه فتخلق نظرة تشعرك على الفور بمدى عبثيتك لا أدرى هل أشعر بهذا لأنه يذكرنى بآدم عندما رأيته لأول مره كان يبدو كمن سأم من تلك الدنيا التى تتباهى بسريانها عكس ما يريد و سأم الموت لتباطؤه فى إقتلاع روحه  ، أم لشعورى بالذنب من إهدار حياته فى هذا العمل الذى لا يقدره أحد ، فى فترة ما فى الحياة كان ما يجذبنا معا هو الإحتياج لشخص ما للإنتماء له -آدم- ، نبرات صوته العميقة التى تهدد روحى الفزعة و تلفها بغشاء من السكينة المقدسة ، إحساسى بأن الكلمات تخرج من فمه منحوتة ، سماعنا معنا لأغنية بلا و لا شى لزياد ، تمتعنا بشرب القهوة الساخنة فى أكواب ، كان كل شىء يتجه نحو رباط أبدى و لكننا إفترقنا لا تسألنى كيف أو لماذا إبتعدت عنه دون أن أدرى أن تلك هى المرة الأخيرة التى سنتقابل فيها ، تكسر جزء من قلبى عندما أدركت أنى لن أرى تلك العينين الشبيهتين بالمرايا أحسست بكل هذا  و رغم ذلك تركته .... لسنا حبيبين بعد الآن ، أصبح ما يجمعنا هو التوق للحظات ولدت و ماتت بين أناملنا ، إكتشفت أننا إلتقينا فى لحظة إحتاج كل منا لغريب يدفن فى عمق عينيه أحزانه و إفترقنا أنا و أنت يا عزيزى مثلما إجتمعنا على أحزان جديدة لنبحث عن غريب آخر يكون قلبه هو مدفن أحزانه .